في الصباحات الباردة أٌحبك
اكثر
ينتابني الحنين اليك في الصباحات
الباردة
اصحو علي صوت رسالتك الصباحية حتي قبل أن يتعالي رنين المنبة لإيقاظي
الفراش البارد يخبرني كم كان
دافيء من قبل بوجودك
انهض بشكل آلي من الفراش البارد لأدخل الحمام لأغسل وجهي ....انتظر
قليلاً لينساب الماء البارد وأتذكر كيف كنت تصحو قبلي لأجد الماء الساخن ينساب
بانتظاري
ارتدي ملابسي ببطء لعل الوقت يسرع وأتأخر عن العمل ....يتناهي لمسامعي
صوتك من ابواب الذاكرة يتضاحك" اسرعي سنتأخر عن الدوام...سأخذ السيارة
واتركك......
اشتاق لكلمات مثل الدوام ...السيارة ...الزلمة... عندما كنا نصمم أن
ننطقها بلهجتنا الشغل العربية الرجال
اهاتفك ليدفئني صوتك "اشتقتلك حياتي .....وحشتيني"
في الصباحات الباردة أحبك أكثر
مدخل العمارة بارد رغم السجادة التي وضعناها معا لتدفيء المكان ولتكون مخبأ للأطفال المارون
بالشارع اذا أمطرت فجأة ...
كان الجو في الخارج ملبُد بالغيوم , مُنذر بالمطر , لكني لم أقلق أنا
احب المطر مثلك ولا أطيق حرارة الصيف
أتذكر أنه افترقنا بسبب حرارة الجو, صرت أنا في دولة وأنت في أخري
قال الطبيب أنه ينبغي أن ابتعد عن هذا الجو الحار في تلك الدولة
العربية ف جسدي هش لحرارة الجو هناك, صممت انت أن أعود ل مصر وحدي وصرت تقول انها مجرد شهور وستعود لنبقي سويا
للأبد
في هذا الجو البارد اشتاق اليك أكثر
سرت في الشارع متجهة لعملي الذي رجعت إليه بعدما صار من الصعب جدا أن
أعود معك هناك, شهران في الخريف نقضيهما سويا كل عام , لا انت تستطيع العودة , ولا
أنا استطيع الذهاب
رجعت للعمل بعدما سئمت من الوحدة, اليوم بارد ينبيء بأن هناك مطر
قادم, مشيت ببطء واضعة يدي في جيب الجاكيت الجلدي وانا مستمتعة ببرودة الجو , بدأ
المطر يهطل كـ ستارة هفهافة , مطر خفيف
ناعم كـ قبلاتك الصباحية
أغمضت عيني مستمتعة ومشتاقة لتلك الصباحات معك..
صار المطر يهطل بغزارة فلم أجد بد من اخراج المظلة لتحميني من البلل
ليس لشيء الا لأتلافي سخافة زملائي بالعمل من ملابسي المبتلة كل يوم برغم وجودة
المظلة معي...
" هل ممكن أن تأخذينا معك تحت المظلة "
كان صوت طفولي ضاحك برغم الوجه الجاد للطفلة الصغيرة الحجم والتي دخلت
في حيز المظلة معي بدون أن تنتظر اجابتي ...
وقفت لأنظر لاربع فتيات يرتدين ملابس الصفوف الابتدائية وقد ابتلت
ملابسهن بفعل المطر, بينما التصقت شعورهن
بجباههن , كانت الفتيات الثلاث ينظرن بخجل بينما الصغيرة تنظر بشغف نحوي , ابتسمت
لهن وقلت للصغيرة بالطبع تفضلوا ... صرت امشي ببطء أكثر وأنا احاول أن اضع المظلة
بشكل مناسب عليهن وليس مهم أنا, لحظات صمت ثم قلن بصوت واحد شكرا يا ميس , ثم قالت
الصغيرة نحن في المدرسة الابتدائي المبتعدة قليلا عن مدرسة الثانوي التي تعملين
بها , أنا اراك دائما , أحب أن أستمع الي برنامجكم الاذاعي, أنا أيضا اشارك في
الاذاعة .....وانطلقت تثرثر عما يعجبها ومالا يعجبها وصديقاتها صامتات خجولات
.....بينما انا ابتسم واشجعها للحديث...
وصلنا بجوار مدرستهن وابتسمن
نحوي بامتنان بينما الصغيرة مدت يدها
المبللة بالمطر لتصافحني ثم سحبتها سريعا
لتجففها بمنديل ورقي ثم مدتها مجدداً قائلة : أنا فاطمة في الصف الخامس الابتدائي
وهن عائشة وأمل ونجوي
نراك دائما وانت تسيرين من نفس طريقنا ....شكرا لك علي المظلة
ابتسمت بدون كلام ووقفت وهن يسرن نحو بوابة المدرسة وقبل ان تختفي التفتت الصغيرة ثانية
وقالت " علي فكرة الجاكيت الجلد رائع عليك ولكن الجينز والبوت العالي الرقبة
لا يناسبانك , الفستان الأزرق يليق بك أكثر" ولوحت بيدها واختفت داخل المدرسة
في هذا الصباح البارد احبك أكثر...
للحظة تخيلت أن تلك الصغيرة أنت ...!!! فأنت لا تحب هذا البوت ولا هذا
الجينز
وتخيلت أن لو كانت الأقدار سارت كما أردنا لكنا رزقنا بفتاة مثل فاطمة
وما كان كلا منا في مكان
ولا اشتقنا ولا تعذبنا....
ولكن يبقي أن حبك يزيد ويزيد ويزيد...
وأنني في كل الصباحات الباردة أحبك أكثر
رحاب صالح
السبت 15/12/2018